المسؤولية المدنية للمؤثرين عن نشاطهم الاعلامي والتسويقي

المسؤولية المدنية للمؤثرين عن نشاطهم الاعلامي والتسويقي

                                

                                م.م. ابتهال غازي مهدي

   يحتل المؤثرون او صناع المحتوى مكانا بارزا على الشبكات الاجتماعية ومنصات التوزيع عبر الإنترنت, إنهم يشاركون مع جمهورهم النصائح والتوصيات والخبرات في مختلف المجالات مثل استخدام المنتجات المختلفة او الموضة أو الرياضة أو الطهي أو السفر, ومن خلال جمهورهم، يمارس هؤلاء المؤثرون سلطة كبيرة على خيارات وسلوكيات المستهلكين من مشتركيهم، وبالتالي يجذبون انتباه العلامات التجارية والشركات التي ترغب في الاستفادة من سمعة المؤثرون للترويج لمنتجاتها أو خدماتها.

   كما يثير الارتفاع السريع لظاهرة المؤثرين وتأثيرها المتزايد على المجتمع والاقتصاد العديد من التحديات القانونية, فمن المرجح أن تولد أنشطة المؤثرين تضاربا في المصالح، أو تؤدي إلى انتهاكات للخصوصية أو تسبب انتهاكات لحقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية, لذلك، من الضروري ايجاد تنظيم قانوني يجعل من الممكن تنظيم هذه الأنشطة ومنع الانتهاكات مع حماية حقوق ومصالح مختلف الأطراف المعنية، سواء كانوا المؤثرين أنفسهم أو العلامات التجارية أو المستهلكين, والمؤثرين ينقسمون الى عدة فئات :

اولا/ المؤثرون المحترفون:

1- الموظفون:

   يمكن اعتبار بعض الشخصيات المؤثرة على الشبكات الاجتماعية موظفين، خاصة عندما يتم توظيفهم من قبل علامة تجارية أو وكالة اتصالات أو شركة للترويج للمنتجات أو الخدمات, في هذه الحالة، يخضع المؤثرون من فئة الموظفين لأحكام قانون العمل، ولا سيما فيما يتعلق بالقواعد المتعلقة بعقد العمل وساعات العمل والإجازة و الأجور والحماية القانونية والتأمين, في مقابل التزامهم كموظفين بصلة التبعية القانونية لصاحب العمل، الذي لديه القدرة على إعطاء التعليمات والتحكم في أداء العمل وفرض العقوبة في حالة الاخلال, كما أنهم يستفيدون من الحقوق والحماية الممنوحة للموظفين، مثل الحق في التمثيل الجماعي أو الحماية من الفصل التعسفي أو الحصول إلى التدريب المهني.

2- العاملون لحسابهم الخاص:

   هذه الفئة من المؤثرين تختار العمل لحسابها الخاص, ومن ثم هم لا يخضعون لوضع الموظف ولا يتمتعون بنفس الحقوق والحماية التي يتمتعون بها الفئة الاولى, ويتم تسجيل العاملين من المؤثرين لحسابهم الخاص بشكل عام كعمال لحسابهم الخاص (كأصحاب المشاريع الصغيرة) أو المهن الحرة, وتكون هذه الفئة من المؤثرين مسؤولين عن إدارة نشاطهم والتزاماتهم القانونية والضريبية.

ثانيا/ المؤثرون غير المحترفين:

   المؤثرون غير المحترفين هم أولئك الذين يقومون بنشاط تأثير على أساس عرضي، دون كسب دخل منتظم, لا يخضع هؤلاء المؤثرون لنفس الالتزامات التي يخضع لها المؤثرون المحترفون فيما يتعلق بإعلان النشاط أو المحاسبة الضريبية وبالرغم من ذلك يجب عليهم ضمان احترام القواعد القانونية، لا سيما فيما يتعلق بالإعلان والشفافية، عند الدخول في عقود شراكات مدفوعة الأجر مع العلامات التجارية.

المسؤولية المدنية للمؤثرين:

  ان التمييز بين المؤثرين المحترفين وغير المحترفين مهم لأنه يحدد الالتزامات التي تقع على عاتقهم ومسؤولياتهم المدنية, حيث يخضع المؤثرون المحترفون لالتزامات عديدة من حيث الإعلان عن النشاط والمحاسبة الضريبية والخضوع لقواعد المنافسة ، ويجب على المؤثرين (الموظفين) الامتثال لتوجيهات صاحب العمل والامتثال لقواعد وقت العمل، في حين يجب على المؤثرين المستقلين تحمل المسؤولية عن نشاطهم والتزاماتهم القانونية والضريبية الناشئة عن العقود التي يبرموها, ومن ثم يتحمل المؤثرون المحترفون المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بأطراف ثالثة في ممارسة نشاطهم، ولا سيما في حالة خرق التزامهم بتقديم المعلومات والمشورة أو الإعلانات المضللة أو انتهاك حقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية, اما المؤثرين غير المحترفين، فيكونون مسؤولين عن أي خرق لالتزاماتهم، خاصة فيما يتعلق بالإعلان والشفافية الا ان تقييم مسؤوليتهم بشكل عام يكون في ضوء وضعهم غير المهني ومعرفتهم المحدودة بالقواعد المطبقة على نشاطهم.

  ان العلاقة بين المؤثر والشركة المتعاقدة للعلامة التجارية يحكمها عقد الشراكة المبرم بينهما والذي تم الاتفاق على الترويج لمنتجاتها, حيث تتضمن هذه العقود بيان آلية التعاون بين المؤثر والعلامة التجارية كما يحدد الاجر الذي سيتقاضاه المؤثر ومدة العقد وشروط التجديد والانهاء, وحقوق والتزامات كل طرف، ولا سيما فيما يتعلق بإنشاء وتوزيع المحتوى الترويجي وحماية الملكية الفكرية وبنود عدم المنافسة والتفرد، والتي قد تحد من حرية المؤثر في العمل مع العلامات التجارية المنافسة, ان اهم الالتزامات التي تقع على عاتق المؤثرين الالتزام بها الالتزام بتقديم المعلومات والمشورة لجمهورهم، خاصة عند تقديم منتجات أو خدمات أو التوصية بها, كما يجب عليهم التأكد من أن المعلومات التي ينشرونها دقيقة وكاملة ومطابقة للواقع، وإبلاغ جمهورهم بوضوح بالطبيعة التجارية لمحتواهم، وفقا لقواعد الإعلان والشفافية, وفي حالة خرقهم لالتزاماتهم المتعلقة بالمعلومات والمشورة، يتحمل المؤثرون المسؤولية التقصيرية عن الضرر المترتب حيث بإمكان المتضرر(المستهلك) المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به, الى جانب قيام مسؤولية المؤثرين العقدية الناشئة عن اخلالهم بالتزاماتهم التعاقدية، اتجاه العلامات التجارية أو وكالات الاتصالات أو منصات البث.