المجموعة العقدية

د. عمار الفتلاوي

ان التطور الاقتصادي الذي شهده العالم أدى الى ظهور نظرية قانونية جديدة كسرت النمط التقليدي لمبدأ الاثر النسبي للعقد ووسعت من نطاق المسؤولية التعاقدية فلم تعد المسؤولية التعاقدية مقتصرة على الاطراف الذين أبرموا العقد تطبيقا لمبدأ الاثر النسبي للعقد, بل اصبحت قواعد المسؤولية التعاقدية تمتد آثارها الى اطراف اخرى لم تشترك في العقد, وهذه النظرية قد عرفت باسم المجموعة العقدية (Groupes de contrat) .

ان هذه النظرية ظهرت للوجود بسبب المشكلات الناتجة عن تعدد العقود, اذ نتيجة للتطور الاقتصادي في العالم لم يعد العقد بمفهومه التقليدي كافي لإشباع حاجات الافراد مما أدى هذا الامر الى ظهور عمليات تعاقدية حديثة تتميز بتعدد العقود والاطراف وان هذا التعدد في العقود والاطراف من الطبيعي ان يخلق لنا عمليات تعاقدية معقدة ومتشابكة مع بعضها البعض وهذا الامر في النتيجة يتطلب نظام قانوني معين يحكم هذه العمليات التعاقدية ويفصل فيها في حالة حدوث نزاعات خاصة وان هذه العمليات التعاقدية تختلف عن عمليات التعاقد التقليدية.

ونتيجة لذلك ظهرت هذه النظرية في فرنسا, اذ اول من تناول هذه النظرية ودعا القضاء الفرنسي الى الاخذ بهذه النظرية وتطبيقها هو الفقيه الفرنسي الاستاذ Tessie)) اذ تناول هذه النظرية في اطروحته التي اسماها ب (Groupes de contrats Les ) اذ قال الاستاذ تسيي في اطروحته هذه ان من الممكن لأطراف المجموعة العقدية الرجوع بالدعوى العقدية المباشرة من قبل اي طرف تعرض لضرر ما على الطرف الاخر الذي أخل بالتزامه التعاقدي حتى وان لم يكن هذا الطرف مرتبط بعملية تعاقدية مع الطرف الذي أخل بالتزامه^.

اذ ترى هذه النظرية ان الالتزام الرئيسي للعقد (المحل) من الممكن ان يكون رابطة تعاقدية بين اطراف متعددة, فمحل التعاقد اذا ما اشترك فيه عدة اطراف فأن هذه الاطراف المتعددة التي تشترك جميعها في نفس المحل تكون مجموعة عقدية واحدة, فاذا أخل احد الاطراف بتنفيذ الالتزام الرئيسي للتعاقد (المحل) فأن هذا الاخلال سوف يرتب اثار ضاره لجميع الاطراف الاخرى مما يتيح هذا الامر رجوع احد اطراف العقد الى الطرف الاخر المخل بالتزامه التعاقدي بمقتضى دعوى عقدية مباشرة على الرغم من ان هذا الطرف المخل بالتزامه لا يرتبط بأي رابطة تعاقدية مع الطرف الذي استخدم الدعوى العقدية المباشرة ضده, فمحل التعاقد هنا هو الركيزة الاساسية لتكوين هذه المجموعة العقدية والتي يطلق عليها بسلاسل العقود (chaine de contrats).