الرئيسية / الفعاليات العلمية / مقالات / أهمية القضاء في دولة القانون

أهمية القضاء في دولة القانون

إن الفقيه الفرنسي مونتسكيو عندما قسم السلطات العامة الى ثلاث سلطات وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية ذكر بان السلطة توقف السلطة. فلا يوجد من يستطيع أن يقف في وجه السلطة العامة إلا سلطة عامة أخرى، وقد ركزت الدراسات التي تتناول الأنظمة السياسية على العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكان هدف هذه الدراسات هو الوصول الى نظام يخضع فيه الكل حكاما ومحكومين للقانون، أي نظام دولة القانون. لا يمكن إنكار أهمية العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في إخضاع الحكام للقانون، لكن السلطة الثالثة وهي السلطة القضائية لا تقل أهمية عن هاتين السلطتين في الوصول الى تطبيق نموذج دولة القانون. إن العلاقة المتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يمكن أن تؤدي الى إيقاف كل من هاتين السلطتين للأخرى عند حدودها القانونية وتمنع تجاوزها، لكن ذلك يتطلب ظرف سياسي يحقق هذا الغرض، أما اذا كان الظرف السياسي يؤدي الى المهادنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتغاضي عن بعضهما البعض فان مبدأ السلطة توقف السلطة لا يتحقق هنا. وهذا واضح اذا كان هناك حزب لديه الأغلبية المجلس التشريعي وهو الذي شكل الحكومة، أو اذا كان هناك اتفاق بين عدد من الأحزاب في المجلس التشريعي على الاشتراك في تشكيل الحكومة.  إن السلطة القضائية هي سلطة محايدة وخارج الصفقات السياسية وأداتها الرئيسية هو القانون، كما أنها ملاذ الأفراد في مواجهة السلطات العامة، لذا فهي الأقدر على تطبيق مبدأ السلطة توقف السلطة الذي طرحه مونتسكيو. وهنا نتكلم عن القضاء المختص بهذه الوظيفة وهو القضاء الدستوري والقضاء الإداري. فالأول مختص بالرقابة على السلطة التشريعية وإيقافها عند حدودها القانونية والثاني مختص بالرقابة على السلطة التنفيذية في وظيفتها الإدارية وإيقافها عند حدودها القانونية. اذن يجب التركيز على هذه السلطة عند البحث عن سبل الوصول الى دولة القانون الى جانب التركيز على بقية السلطات. ويمكن معرفة صدق توجه المشرع الدستوري والمشرع العادي الى تطبيق نموذج دولة القانون وذلك من خلال درجة التنظيم للقضاءين الدستوري والإداري من قبل هذين المشرعين.
                                                                               د. فارس عبد الرحيم

شاهد أيضاً

الصحافة الورقية والصحافة الالكترونية:علاقة تضاد أم تكامل؟

م.م محمد حيدر رؤوف لابد لنا من تشخيص المراحل التي مرت بها مراحل  تطور الصحافة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.