ضمانات الحاكم للحقوق والحريات في المجتمع الاسلامي
Ali Hade
نوفمبر 28, 2021
مجلات
40 زيارة
أ.م.د لمياء مهدي الشمرتي
وردت العديد من الخطب على لسان الامام علي عليه السلام بخصوص الحقوق والواجبات المتبادلة بين الحاكم والمحكوم، كون هذه الحقوق مقررة للانسان من قبل الشارع المقدس بحيث لاتكتمل إنسانيته الا من خلال هذه الحقوق، ليصبح محلا للخطاب الالهي على صعيد امتثال التكاليف.أضف الى ذلك فان الامام يقرر وجوب ضمانة هذه الحقوق لتحقيق جملة من مقاصد الشريعة التي أشار اليها في إحدى خطبه بالقول” فَإِذا أَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاْعْدَاءِ”.ويفهم من ذلك أن جوهر الشريعة الذي يمثل غاية قيام الدولة والمتجسد باقامة العدل والقسط لا يمكن تحقيقه الا من خلال تمتع الرعية ـــ المجتمع ـــ بحقوقه، الامر الذي يفرض عى الحاكم ضمان وحماية هذه الحقوق بغية تحقيق العدل من جهة، وتحقق الحاكمية الالهية من جهة أخرى .يمكن الوقوف على الضمانات التي يقدمها الحاكم لتلك الحقوق من خلال إحدى الخطب التي اوردها الامام علي عليه السلام بهذا الشأن، اذ يقول ” أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَى الْوَالِي أَلَّا يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَلَا طَوْلٌ خُصَّ بِهِ وَأَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَعَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ أَلَا وَإِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلَّا أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِي حَرْبٍ وَلَا أَطْوِيَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلَّا فِي حُكْمٍ وَلَا أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَلَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ وَأَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي الْحَقِّ سَوَاءً ” ويعلل ذلك بتحقيق مقاصد الشريعة “فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَيْكُمُ النِّعْمَةُ وَلِي عَلَيْكُمُ الطَّاعَةُ وَأَلَّا تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَلَا تُفَرِّطُوا فِي صَلَاحٍ وَأَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّنِ اعْوَجَّ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ الْعُقُوبَةَ وَلَا يَجِدُ عِنْدِي فِيهَا رُخْصَةً فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَأَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ مَا يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ أَمْرَكُمْ وَالسَّلَامُ”.ويتبين من ذلك ان أهم تلك الضمانات تكمن في:
-
تواضع الحاكم بحيث لا يضع نفسه بمنزلة تجعله يرى نفسه أفضل من الاخرن، كونه الحاكم الذي يمتلك السلطة وليس للاخرين سوى الطاعة، الامر الذي ينسجم مع القوانين الوضعية التي تصف السلطة بممارسة وظيفة تخصصية وليست فرصة للكسب والاستطالة” وان عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة”
-
التواجد بين صفوف المجتمع والتعامل معهم بمبادئ العفو والرحة واللين،والا يكون هناك حاجبا بينه وبينهم،لكي يكون على علم بكل مامن شأنه الاجحاف بحقوقهم أو تضييعها من قبل بعض العاملين الذين قد لايكونون بمستوى تفكير الحاكم.
-
ان يكون المجتمع حاضرا في اتخاذ القرارات وعالما بكل مايجرى في اروقة الدولة سوى الاسرار العسكرية، فالعلم بالقرار يحمل الافراد مسؤولية الدفاع عنه حد التضحية بالنفس، في حين تقتضي ضرورات التصدي للعدو حجب الاسرار العسكرية عن الجمهور بغية تحقيق عنصر المفاجئة وحسم الحرب لصالح المجتمع الاسلامي، وكل ماسوى ذلك ينبغي ان يكون معلوما وحاضرا لدى المجتمع.
-
المساوة بين الجميع في الحقوق والواجبات أمام القانون، وهو الامر الذي دأبت عليه أغلب الانظمة الدستورية المعاصرة، غير أن عملية هذا المبدأ لدى الحاكم الاسلامي تفوق نظيره لدى سائر الحكام كونه يرتبط بمنظومة الشريعة وخشية الحساب فيما لو لم يطبقه الحاكم الاسلامي .
هذه بعض أبرزالضمانات التي يوفرها الحاكم الاسلامي للحقوق في المجتمع الاسلامي.

Related